معضلة قانون التمييز الديني في أستراليا

معضلة قانون التمييز الديني في أستراليا

كتب – باسم ثروت

بعض الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان صعبة للغاية، لكن إصدار قانون يحظر التمييز الديني ليس كذلك، أو على الأقل لا ينبغي أن يكون.

 قام بعض الناشطين الحقوقيين بتوثيق الضرر الذي يمكن أن يسببه التمييز لأتباع الديانات، وذكروا بعض الوقائع كتلك التي تحكي عن طفل يهودي تعرض لشتائم لا سامية واعتداء جسدي خطير في مدرسة في ملبورن، مما أدى إلى نقل الطفل إلى المستشفى.. وأيضاً قصة عائلة مسلمة؛ آباء وأطفال تعرضوا للإيذاء اللفظي في أحد القطارات، حيث صرخ المهاجمون بأنهم يفضلون قتلهم جميعاً.

القدر نفسه من التمييز يواجه أطفال مجتمع الميم وعائلاتهم، فهناك الكثير من القصص عن أطفال تعرضوا للتعذيب بسبب ميولهم الجنسية أو هويتهم الجنسية. لدرجة جعلت الآباء يقولون أحياناً بدموع اليأس إنهم لا يعرفون ما إذا كان بإمكانهم إبقاء أطفالهم على قيد الحياة.

لذا يجب على أي شخص يريد حماية إحدى هذه المجموعات من التمييز أن يدعم حماية كلا المجموعتين دوناً عن الأخرى، فهؤلاء بشر وهؤلاء أيضاً بشر.

لجيل كامل، عمل دعاة المساواة والعديد من مفوضي حقوق الإنسان -خصوصاً الأستراليين- بكد لملء الفجوات في قانون مكافحة التمييز في أستراليا.. وهذا يعني إصدار قانون جديد يحظر التمييز ضد المتدينين، لكن يعيب إصلاح القانون الحالي أنه يترك أطفال ومعلمي مجتمع الميم عرضة للتمييز من قبل المدارس الدينية، لا يمكن تمييز واحد على الآخر والعكس، يجب أن يكون قانون مناهضة التمييز بطبيعته، معززاً للمساواة، والمساواة تعني المساواة للجميع لا لطرف واحد. 

يشير الحقوقيون في أستراليا إلى أن مشروع قانون التمييز الديني الحالي للحكومة الأسترالية يخالف هذا المبدأ الأساسي.. فيجب أن يطال غالبية مشروع القانون إصلاحاً معقولًا طال انتظاره لحظر التمييز على أساس المعتقد الديني أو غيره من المعتقدات.. المشكلة أن القانون يعطي مزايا خاصة لأصحاب الإيمان، مما يمكّن هؤلاء الأشخاص من التصرف بطريقة قد تكون تمييزية تجاه الآخرين.

ويتجاهل مشروع القانون مشكلة مزمنة: أن التمييز ضد الأطفال والمعلمين من مجتمع الميم يظل قانونياً في المدارس الدينية، بعبارة أخرى، مشروع القانون لا يمنح الجماعات الدينية فقط درعاً ضد التمييز، بل إنه يعطيهم سيفاً للتمييز باسم عقيدتهم. 

إذا كان مشروع القانون يريد أن تتمتع مجموعة واحدة من الأشخاص بميزة على الأشخاص الآخرين، فإنه لا يدعم المساواة، وإذا كان يريد الحفاظ على حق التمييز ضد أعضاء معينين في المجتمع الأسترالي، فإنه أيضاً لا يدعم المساواة. 

تم اقتراح عدد من الإصلاحات لمشروع القانون هذا، وكان أحدث اقتراح هو أن الحكومة يمكن أن تزيل سلطة المدارس الدينية في التمييز ضد الأطفال المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي، لكن الأطفال المتحولين جنسياً سيظلون عرضة للتمييز، عطفاً على استمرار التمييز ضد معلمي مجتمع الميم أيضاً. 

وهنا تساءل الحقوقيون الأستراليون: على أي أساس مبدئي يمكن لأي شخص أن يدعم مثل هذه الخطوة؟

هل هذه حسابات متشددة؟ يفترض فيها عدم قدرة المجتمع تحمل التمييز ضد الأطفال المثليين، ولكن سيسمح طواعية بطرد الأطفال المتحولين أو معاملتهم بطريقة أقل تفضيلاً من بقية أقرانهم؟ البعض يصف هذا النقاش أحياناً بأنه يدور حول الحرية، حيث يقال إن أي قيود على كيفية إدارة المدرسة الدينية لشؤونها هو قيد لا يطاق على حريتهم الدينية.

من وجهة نظر الحقوقيين هذا لا يمكن أن يكون صحيحا، فكما تمتثل المدارس الدينية للقوانين الأخرى في مجالات متنوعة مثل القانون الجنائي والعمل، وقانون الصحة والسلامة، يجب ألّا يكون قانون مكافحة التمييز مختلفًا.

فقد أقرت معظم الديمقراطيات الليبرالية قوانين التمييز الديني منذ عقود، في سياق إصلاحاتها الخاصة، ونادراً ما واجهت تلك البلدان الجدل أو الانقسام المجتمعي المرير أو النقاش العام السيئ كما يحدث في أستراليا، فعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات، انقلب البرلمان الأسترالي رأساً على عقب بسبب مشروع القانون هذا.

من جانب المدارس الدينية، تقول الغالبية العظمى منها إنها لا تنوي التمييز ضد المعلمين أو الأطفال على أساس ميولهم الجنسية أو هويتهم الجنسية، لذا، لماذا يبدو القانون الأسترالي أشبه بقانون مناهضة التمييز للديمقراطيات الليبرالية؟ فما الذي تخشاه هذه المدارس؟ يدعو الحقوقيون البرلمان الأسترالي قائلين: "لم يفت الأوان بعد على برلماننا للالتقاء حول الإصلاح الذي يعزز حقاً المساواة للجميع، لأصحاب الإيمان ولأطفال ومعلمي مجتمع الميم". 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية